جلست الأم ذات مساء تساعد أبناءها في مراجعة دروسهم وأعطت طفلها الصغير البالغ الرابعة من عمره كراسة للرسم حتى لا يشغلها عما تقوم به من شرح ومذاكرة لإخوته الباقين وتذكرت فجأة أنها لم تحضر طعام العشاء لوالد زوجها المسّن الذي يعيش معهم في حجرة خارج المبنى في فناء البيت وكانت تقوم بخدمته ما أمكنها ذلك والزوج راض بما تؤديه من خدمة لوالده والذي كانلا يترك حجرته لضعف صحته أسرعت بالطعام إليه وسألته إن كان بحاجة لأية خدمات أخرى ثمانصرفت عنه عندما عادت إلى ما كانت عليه مع أبنائها لاحظت أن الطفل الصغير يقوم برسم دوائر ومربعات ويضع رموزاًفسألتهما الذي ترسمه ياحبيبيأجابها بكل براءةإني أرسم بيتيالذي سأعيش فيه عندما أكبر وأتزوجأسعدها رده وقالت أين ستنام فأخذ الطفل يريها كل مربع ويقول هذه غرفة النوم وهذا المطبخ وهذه غرفة الضيوف وأخذ يعدد كل ما يعرفه من غرف البيت وترك مربعاً منعزلاً خارج الإطار الذي رسمه ويضم جميع الغرففتعجبتوقالت لهو لماذا هذه الغرفة خارج البيت منعزلة عن باقي الغرفأجاب إنها لك سأضعك فيها تعيشين كما يعيش جدي الكبيرصعقت الأم لما قالهوليدهاوأخذت تسأل نفسها هل سأكون وحيدة خارج البيت في الفناء دون أن أتمتعبالحديث مع ابني وأطفاله وآنس بكلامهم ومرحهم ولعبهم عندما أعجز عن الحركةومن سأكلم حينها وهل سأقضي ما بقي من عمري وحيدة بين أربعة جدران دون أن أسمع لباقي أفراد أسرتي صوتاًأسرعت بمناداة الخدم ونقلت بسرعة أثاث الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف والتي عادة تكون أجمل الغرف وأكثرها صدارة في الموقع وأحضرت سرير عمها والد زوجها ونقلت الأثاث المخصص للضيوف إلى غرفته خارجاً في الفناء وما إن عاد الزوج من الخارج حتى فوجئ بما رأى وعجب لهفسأله إما الداعي لهذا التغييرأجابته والدموع تترقرق في عينيها إني أختار أجمل الغرف التي سنعيشبها أنا و أنت إذا أعطانا الله عمراً وعجزنا عن الحركة وليبق الضيوف في غرفة الفناءففهم الزوج ما قصدته وأثنى عليها لما فعلته لوالده الذي كان ينظر إليهم ويبتسم بعين راضية ما كان من الطفل إلاأن مسح رسمه وابتسم
تحياتي لكم