وقف العصفور الدوري فوق غصن شجرة الكينا، والتفت يميناً ويساراً
ثم قال بحبور: يومٌ مشمسٌ جميل، يستحق أن أنشد فيه أغنيتي الجديدة، وبدأ ينشد
ومد تغريده كي تسمعه الأشجار والأزهار، والتلال والجداول
وطيور السنونو والسلاحف، والجدة المستيقظة، والأطفال المرحون.
عجب الدوري لأن أحداً لم ينتبه إلى أغنيته الجديدة، فانتقل إلى شريط الهاتف، وسمع رنيناً خافتا
وظن أن صدى أغنيته ما زال يتردد، ونظر حولـه، فلم يأبه به أحد، وأعاد التغريد من جديد
ومده إلى درجة قدر أنها ستثير إعجاب الرعاة
وتحرك الصخر، لكن شيئاً لم يتحرك حوله
قفز العصفور الدوري إلى حافة سطح المنزل، وأعاد أغرودته، لكن السكون ظل ملازماً له، غير أن ربة المنزل
توقعت أن يكون جائعاً، فنثرت بضع حبات من البرغل على السطح
غضب الدوري وقال: أنا لستُ جائعاً، أريد أن يستمع أحد إلى أغنيتي الجديدة، لأنني تعبتُ في التدرب عليها
لكن ربة المنزل كانت مشغولة جدا
طار الدوري إلى سور المدرسة المرتفع، وتأمل الباحة الفارغة والنوافذ العريضة، لكنه
لم يلحظ طفلاً واحداً مستعداً لأن يستمع إلى أغنيته.
ومر شيخ طاعن في السن، فاقترب منه الدوري حتى غدا قرب كتفه
وانطلق يغني، لكن الشيخ كان أصم، فلم ينتبه للأغنية الجديدة
وصاحبها الرقيق.
وكاد اليأس يتسلل إلى العصفور، لكن عصفورة مسرعة مرت قرب المكان وحيت العصفور، فطار خلفها
وقال: أنت خير من يقدر الإبداع ويحتفل بأغنيتي الجديدة، فهل تتكرمين بالاستماع إليها؟..
وقبل أن تجيب العصفورة، انطلق الدوري يغني، وامتلأ الفضاء بتغريد حلو، ختمته العصفورة بثنائها وابتسامتها.